انتخابات ما بعد الجائحة في كندا
حنان نعناع
ناشطة سورية كندية. تشغل منصب رئيسة مبادرة XU Votes التي تهدف إلى زيادة إقبال الشباب على التصويت، ورئيسة جمعية السياسة والحوكمة في جامعة رايرسون.
توضيح: هذا المقال لا يدعم أي حزب سياسي ولا يروج لأي أيديولوجيا، بل يهدف للإضاءة على جوانب معينة ربما تهم الناخبين قبل التصويت.
في العشرين من الشهر الجاري يتوجه الكنديون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الفيدرالية العامة. يأتي هذا بعد أن أعلنت الحاكم العام (ماري ماي سيمون) حل البرلمان وعقد انتخابات بعد أن طلب رئيس الوزراء الحالي، جاستن ترودو، التوجه نحو انتخابات مبكرة. طرأت تغيرات كبيرة منذ عقد آخر انتخابات قبل عامين (2019)، أهمها وباء كوفيد الذي تحول إلى أزمة عالمية أثرت على الاقتصاد والصحة العامة والنفسية ومعدلات العنف. كان للوباء تأثير على مؤشر الديمقراطية، إذ أدت القيود الحكومية في كندا لتخفيض تصنيف كندا على صعيد الأداء الحكومي وذلك بحسب تقرير مؤشر الديمقراطية للعام 2020 الصادر عن وحدة المعلومات الاقتصادية.
طرحت الانتخابات الحالية والوباء عدة مواضيع على طاولة البحث والنقاش. إذ تأتي في وقت لا يزال فيه الكنديون تحت وقع الصدمة والحزن إثر اكتشاف رفات أطفال من السكان الأصليين في المدارس الداخلية التي كانت مخصصة لهم حتى العام 1996. يأمل عدد من الكنديين ويطالبون قادة الأحزاب باتخاذ إجراءات جدية بما يخص “المصالحة” وتسوية وأضاع السكان الأصليين بصورة عادلة. كما يسلط الناشطون والمهتمون بالانتخابات الضوء على مواضع حساسة أخرى مثل التغير المناخي والعنصرية الممنهجة وارتفاع تكاليف المعيشة. تَظهر تلك الموضوعات بوضوح على جدول ونقاشات ودعايات جميع الأحزاب الكندية، ولكن يبقى السؤال الذي يؤرق الكنديين المتجهين للتصويت يوم الاثنين: هل ستتحول تلك الوعود إلى أفعال تحقق العدالة للمجتمعات المهمشة؟
تحديات تواجه إقبال الشباب على التصويت
وفقًا لهيئة الانتخابات الكندية، انخفضت مشاركة الناخبين الشباب (بين 18-24 عاماً) في الانتخابات الفيدرالية لعام 2019 بنسبة 3.2 نقطة مئوية لتصل إلى 53.9 بالمئة وذلك بعد أن شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في الانتخابات التي سبقتها (57.1 في المئة). تتراجع، إذن، نسبة تصويت الشباب عن نسبة تصويت كبار السن بنحو 25 في المئة. ومن أجل زيادة إقبال الشباب على التصويت، أطلقت هيئة الانتخابات الكندية مشروعاً في الانتخابات العامة للعام 2015 يُدعى “التصويت في الحرم الجامعي”. تضمن المشروع افتتاح مكاتب في 39 مبنى جامعياً في جميع أنحاء البلاد.
استهدفت المبادرة الشباب في المقام الأول، لكن يمكن لأي ناخب مؤهل وراغب بالتصويت في هذه المكاتب أن يفعل ذلك. أدلى أكثر من 70 ألف ناخب بأصواتهم عبر هذه المبادرة، وهو ما يعادل تسعة في المئة من الشريحة الشبابية المستهدفة. دفع نجاح ذلك المشروع إلى إطلاقه مجدداً في الانتخابات العامة لعام 2019، إذ تم توسيع المبادرة لتشمل 121 مكتباً في 109 مراكز جامعية موزعة على 86 دائرة انتخابية. كما تم رفع ساعات وأيام الخدمة. أما في هذه الانتخابات، فقد قامت الحكومة بإلغاء هذا المشروع وذلك بسبب الوباء والقيود المرتبطة به، فضلاً عن ضيق الفترة الزمنية الخاصة بالتحضير للانتخابات.
أثناء عملي مع الشباب، تسنى لي ملاحظة حجم التحديات التي يواجهونها للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الفيدرالية لعام 2021. التحدي الأكبر الذي يواجه جميع الكنديين هو الوباء ويتأثر به الشباب بصورة خاصة بسبب إلغاء التصويت داخل الحرم الجامعي. ومع ذلك، لدى الطلاب طرق أخرى للإدلاء بأصواتهم. يمكن للطلاب الذين يعيشون بعيداً عن دائرتهم الانتخابية التصويت شخصياً في أي مكتب تابع لـ “انتخابات كندا” أو عن طريق البريد، كما يمكنهم السفر للتصويت شخصياً في وقت مبكر أو في يوم الاقتراع في دائرتهم الانتخابية.
بسبب اهتمامي وحرصي على المشاركة الديمقراطية ومشاركة الشباب بشكل خاص، عملت في هذه الانتخابات على التواصل مع الطلاب والعمل على تذليل صعوبات المشاركة والتصويت. أعمل مع برنامج يدعى (XU Votes) ومعروف أيضاً باسم Ryerson Votes وهو عبارة عن حملة غير متحيزة حزبياً على مستوى الجامعة. أدى هذا البرنامج إلى زيادة إقبال الناخبين الشباب بنسبة 55٪ في الانتخابات الفيدرالية لعام 2019، وهي أعلى نسبة في أونتاريو وثالث أعلى نسبة في كندا. ويهدف البرنامج في هذا العام إلى التعاون مع اتحادات الطلاب وموظفي الجامعات والخريجين والمنظمات المجتمعية لمساعدة الطلاب على فهم أهمية التصويت وإتاحة المشاركة الديمقراطية للجميع من خلال الحملات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، فضلاً عن استضافة مناظرات المرشحين للانتخابات ودفعهم لعقد لقاءات مع الطلاب يمكن لهم فيها الحديث عن مخاوفهم. الهدف في النهاية هو تشجيع الطلاب على المشاركة وإتاحة المعلومات والفرص لكي يتخذوا قراراً انتخابياً مدفوعاً بالمعرفة والحقائق.
ما أهمية المشاركة في الانتخابات؟
أنا سورية الأصل. شهد بلدي انتفاضة شعبية عام ٢٠١١ وعرّض فيه ملايين السوريين أنفسهم لخطر الموت والاعتقال لكي يحظوا بحقوق الإنسان الأساسية ويؤسسوا نظاماً ديمقراطياً. أفكر بمن يناضلون من أجل تحقيق الديمقراطية في جميع أنحاء العالم والذين فقدوا حريتهم أو حياتهم أثناء ذلك النضال. بعد تجربتي في الهرب من الحرب المروعة والعيش في بلد ديمقراطي مثل كندا يمكنني من المشاركة السياسية والتصويت، أعتقد أن لدي التزاماً خاصاً لتكريم أولئك الذين فقدوا حياتهم لكي نحظى بحق التصويت وتمثيل مجتمعاتنا في البلاد الجديدة.
لدي رغبة كبيرة بأن أضيء على هذا الجانب أمام زملائي الكنديين، ذلك أن التصويت مسؤولية وضرورة من أجل تمثيل المجتمعات المهمشة وضمان محاسبة السياسيين على أفعالهم والدفع باتجاه تنفيذ وعودهم بشأن قضايا، مثل تغير المناخ، والصحة، والقدرة على تحمل تكاليف المعيشة المرتفعة، والتعليم، وقضية السكان الأصليين. يتيح لنا التصويت أن نكون جزءاً من السياسات الحالية والمستقبلية لتحسين الأوضاع في كندا.
ما الذي يجب معرفته عن الانتخابات الكندية لعام 2021؟
في الانتخابات العامة عادة ما تتم الدعوة إلى الانتخابات الفيدرالية العامة بناءً على مشورة رئيس الوزراء للحاكم العام، الذي يقوم بحل البرلمان وتحديد موعد الانتخابات بناءً على مشورة مجلس الوزراء. بحسب للقانون، يجب إتاحة 36 يوماً كحد أدنى بعد الإعلان عن الانتخابات من أجل عقدها، كما يجب أن لا تزيد الفترة عن 50 يوماً. هذا العام، ستجري الانتخابات الفيدرالية يوم الاثنين، 20 سبتمبر.
أدلى العديد من الكنديين بأصواتهم من خلال الاقتراع المبكر سواء عبر البريد أو شخصياً. ولكن فترة التصويت المبكرة انتهت، والخيار الوحيد الآن هو التصويت في يوم الانتخابات، الاثنين 20 سبتمبر 2021، في مركز الاقتراع المخصص للمقيمين. سوف تعمل مراكز الاقتراع لمدة 12 ساعة، مع وجود اختلافات حسب المنطقة الزمنية. للعثور على مركز الاقتراع الخاص بك، تحقق من بطاقة معلومات الناخب الخاصة بك، أو استخدم خدمة معلومات الناخب.
أدرك تماماً أن السياسة من المحرمات في بعض الأوساط الاجتماعية، ولكن يمكن أن تساعد المحادثات مع المعارف والأصدقاء على فهم وجهة نظرهم والاطلاع على آراء الآخرين حول المناخ السياسي. كمان يمكن للبحث والتثقيف الذاتي والاطلاع على برامج الأحزاب السياسية أن يساعدك على اتخاذ القرار.