احتياطات أمنية في أوتاوا مع احتجاجات “قافلة الحرية”
سائقو الشاحنات يستمرون بالتظاهر في أوتاوا
معن الحميدي، صحفي كندي-سوري حاصل على ماجستير في الصحافة ويعمل في تورنتو.
طلبت شرطة أوتاوا في بيان أصدرته اليوم الأحد من سكان العاصمة تجنب التوجه إلى وسط المدينة، لأن عدداً من الشوارع ما تزال غير سالكة. حيث تستعد قافلة الشاحنات لاستكمال احتجاجاتها لليوم الثاني، بسبب قرار الحكومة الفيدرالية الأخير بفرض التطعيم الإجباري ضد كوفيد-19 على سائقي الشاحنات الذين يعبرون الحدود الكندية-الأمريكية.
واجتذبت ”قافلة الحرية“ التي انطلقت من بريتيش كولومبيا، يوم الأحد الماضي، حشوداً كبيرة وصلت صباح السبت إلى باحة البرلمان الكندي في أوتاوا.
وبحسب البيان، فإن عناصر الشرطة واجهوا ”مواقف خطرة“ أمس السبت دون تنفيذ أية اعتقالات بحق المحتجين. بعد أن شوهدت اعتداءات من قبل البعض على معالم وطنية مثل تمثال تيري فوكس وضريح الجندي المجهول خلال الاحتجاجات.
مخاوف أمنية
نصح مسؤول الأمن في مجلس العموم باتريك ماكدونيل أعضاء البرلمان عبر رسالة بريد إلكتروني بعدم الاقتراب أو التواصل بالمحتجين، وإغلاق أبواب منازلهم أو مكاتب دوائرهم الانتخابية، في حال ظهر محتجون قربها. وحذرهم من ”الأشخاص الذين يحاولون العثور على عناوينهم ومعلوماتهم الشخصية بهدف نشرها على شبكة الإنترنت“، مذكّراً بأن معظم منصات وسائل التواصل الاجتماعي لا تسمح بنشر تلك المعلومات الشخصية بموجب شروط الخدمة، وتزيلها لدى الإبلاغ عنها.
وينسق عناصر شرطة أوتاوا مع وكالات الاستخبارات وشرطة الخيالة الملكية الكندية منذ عطلة نهاية الأسبوع تحسباً لأي طارئ قد يحدث خلال الاحتجاجات، محذرين السكان من اضطراب وتأخير كبيرين في حركة المرور بالمدينة. وقالوا إن السكان والزوار يجب أن يتوقعوا رؤية انتشار كبير للشرطة وسط المدينة وعلى الطرق الرئيسية السريعة طوال عطلة نهاية الأسبوع.
نشطاء من اليمين المتطرف في الاحتجاجات
تحذر الشبكة الكندية لمكافحة الكراهية من أن بعض منظمي الحركة هم شخصيات معروفة في اليمين المتطرف بكندا، ولديهم سوابق في التحريض على العنف من قبل. وقالت الشبكة إن المعلومات المضللة التي انتشرت حول كوفيد-19 ساعدت اليمين على التجمع ضمن احتجاجات على القيود المتعلقة بمواجهة الوباء في كندا. وأن أعضاء من ”حزب الشعب الكندي“، ومجموعة تسمى ”كندا أولاً“، وحركة تعرف باسم ”دياغولون“، كانوا يحتجون معاً ضد إجراءات الحكومة التي اتخذتها لمحاولة الحد من انتشار الفيروس.
وأشارت الشبكة إلى أن معظم المناصرين للقافلة ربما لا يرون أن المبادرة هي حركة احتجاج لليمين المتطرف، إلا أن منظمي الحركة لديهم وجهة نظر مختلفة. لافتة إلى أن ”بعض مؤيدي القافلة، مثل مجموعة دياغولون، يقولون إنهم يريدون أن تصبح الاحتجاجات الحالية في كندا معادِلة لما حدث في السادس من كانون الثاني عام 2021“، في إشارة إلى أحداث الشغب التي حدثت في العاصمة الأمريكية واشنطن من قبل أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب العام الماضي.
احتجاجات قافلة الحرية مشابهة لاحتجاجات قافلة ”يونايتد وي رول“ التي نظمت عام 2019 من قبل شركاء في حركة ”السترات الصفراء الكندية” التي أسسها أفراد مرتبطون باليمين المتطرف في كندا. هؤلاء هم ذات النشطاء الذين ينظمون قافلة الشاحنات الآن، أبرزهم تمارة ليتش من مقاطعة ألبرتا“، بحسب الشبكة.
ليتش كانت قد أطلقت مؤخراً حملة عبر ”غو فند مي“ لجمع تبرعات لقافلة الشاحنات، وجمعت 6,5 مليون دولار حتى مساء يوم الخميس الفائت، فيما عملت كمنظِّمة في السترات الصفراء، وكمنسقة إقليمية للحركة الانفصالية ”ويسترن إكزيت“ أو ”ويكزيت“ في ألبرتا.
شبكة مكافحة الكراهية الكندية قالت من جهتها إن ”ليتش كانت قد شاركت في حراك السترات الصفراء التي بدأت عام 2018، ونشرت على حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي حينها منشورات تتضمن خطاب كراهية ومقالات معادية للإسلام، تتناول معلومات مضللة عن عمل جماعة الإخوان المسلمين في كندا”. منوهة إلى أن ليتش “شاركت أيضاً منشورات من شبكة ذي كلاريون بروجيكت، التي تعمل على نشر المحتوى المعادي للمسلمين من خلال منصاتها“.
راندي هيلر، النائب البرلماني المستقل في أونتاريو وهو أحد مؤيدي القافلة، نشر تغريدة على موقع تويتر وصف فيها وزير النقل الكندي عمر الغبرا، بـ”الإرهابي الذي حكم على الكنديين بالتجويع باسم السلامة العامة“، على حد وصفه. في حين دعا وزير السلامة العامة الكندي ماركو مينديسينو تويتر إلى إزالة التغريدة وقال إنها معادية للإسلام وتتضمن خطاب كراهية. لكن التغريدة لم تكن قد أزيلت حتى يوم الخميس.
ازدياد الدعم للقافلة
حشود كبيرة من المحتجين تجمعت في مركز تسوق فوغان ميلز شمال تورنتو يوم الخميس لتحية سائقي الشاحنات المنضمين إلى القافلة في طريقها إلى أوتاوا. وقال ماكس فراي الذي يعمل أفراد من أسرته كسائقي شاحنات، إن ”الحركة ليست ضد فرض اللقاح الذي يستهدف السائقين فحسب، إنما هي أيضاً ضد جميع الإجراءات القسرية المتعلقة بلقاح كوفيد-19. نحن هنا لأن هناك أشخاص يفقدون وظائفهم لأنهم الذين يرفضون تلقي اللقاح“.
يرى فراي بأن التطعيم ضد الفيروس ”يجب أن يكون اختيارياً، ولا ينبغي للحكومات إجبار الأفراد على تلقيه. منظمو القافلة غير قلقين من احتمال تحول الاحتجاجات إلى أعمال عنف في أوتاوا“. ويضيف: ”لقد كانت مسيرة سلمية منذ اليوم الأول. أعتقد أن الجميع سيتصرفون بشكل لائق. نريد فقط أن نعود إلى حياتنا الطبيعية“.
مايك فابينسكي الذي انضم إلى القافلة من بيري يوم الخميس قال إن قرار الحكومة يمنعه من العمل بعد 20 عاماً قضاها في عمله كسائق شاحنة. مضيفاً أنه ” لا يمكن للحكومة فرض اللقاح على أحد. لا يجب أن يكون للناس مطلق الحرية والاختيار فحسب، بل يجب أن يرفضوا كل تلك الإجراءات القسرية“.
أعرب كثير من البرلمانيين المحافظين علناً عن دعمهم للقافلة، من بينهم عضو البرلمان في ألبرتا مارتن شيلدز، وليسلين لويس في أونتاريو، ونائب مقاطعة ساسكاتشوان وزعيم حزب المحافظين السابق أندرو شير الذي التقى بالقافلة في مدينة ريجينا. ونشر إيرين أوتول، زعيم حزب المحافظين الحالي، صوراً له على تويتر وهو يلتقي بالقافلة، قائلاً إن “سائقي الشاحنات هم جيراننا وأقاربنا، والأهم من ذلك، هم مواطنون كنديون”، لكنه انتقد تشويه البعض لنصب تذكارية كندية قائلاً إن “من يتعرض لهذه النُصب يجب أن يشعر بالخجل من سلوكه الذي يحطّ من شأن التضحيات التي قدمها الكنديون الشجعان”.
من جهته، شجب اتحاد الشاحنات الكندي الاحتجاجات، وقال إن أكثر من 85 في المئة من سائقي الشاحنات الكنديين البالغ عددهم 120 ألفاً ويعبرون الحدود بانتظام، قد تم تطعيمهم بالكامل، وأن الباقيين، وعددهم حوالي 16 ألفاً، قد يكونون غير قادرين على العمل بعد الآن بسبب القيود الجديدة التي قد تؤدي إلى تفاقم مشاكل سلاسل التوريد عبر الحدود.