هل يساعد متحور أوميكرون في إنهاء الجائحة؟
هل هذه هي الموجة الأخيرة التي ستجبرنا على التزام منازلنا؟
معن الحميدي، صحفي كندي-سوري حاصل على ماجستير في الصحافة ويعمل في تورنتو.
ترجمة عُلا برقاوي
يعتبر أوميكرون، متحور فيروس كورونا، شديد العدوى إلى درجة تزيد من احتمالية إصابة معظم سكان كندا به. لكن انتشاره الواسع قد يجعل السلالة سبباً في أن تكون هذه الموجة هي الأخيرة فيما يتعلق بتدابير الإغلاق التي تفرضها الحكومات الكندية.
وبالتزامن مع ازدياد نسبة الكنديين الذين تلقوا اللقاح، فإن متحور أوميكرون شديد العدوى قد يساهم في إنهاء الجائحة لأن الكثير من الأشخاص الذين يصابون بالفيروس يطورون مناعة طبيعية ضده.
الدكتور حسان المصري الذي يعمل في منطقة دورهام شرق تورنتو ويشرف على علاج مرضى كوفيد-19 يقول لمنصة حنَّا، إن ” نسبة كبيرة من السكان ستكوِّن مناعة ضد المرض، إما بشكل طبيعي من خلال الإصابة به، أو تلقي جرعات اللقاح، أو من خلال كلتا الحالتين”.
وستساهم السرعة المتزايدة في تطوير اللقاح، في الحدِّ من انتشار أي متحورات لكوفيد-19 قد تظهر بعد أوميكرون مستقبلاً. يقول المصري: ”أعتقد أنه سيكون لدينا خلال وقت ليس ببعيد، لقاح مناسب لكل متحوِّر على حدة.. بالتأكيد سوف نبقى في مواجهة الفيروس لسنوات عديدة قادمة، لكن أعتقد أننا الآن نخوض المراحل النهائية للوباء الحالي“.
وافقت وزارة الصحة الكندية يوم الاثنين الفائت على استخدام دواء باكسلوفيد، وهو أول علاج لكوفيد-19 يُعطى للمريض عن طريق الفم ويمكن أن يساعد في علاج المرض والوقاية من الأعراض الشديدة. يرى المصري أن ”فعالية وتوافر هذا الدواء إلى جانب العلاجات المتطورة الأخرى، مع زيادة معدلات التطعيم واكتساب المناعة الطبيعية من المرض، كل ذلك يمنحنا الأمل بأن تأثيرات الوباء تقترب أخيراً من نهايتها”. ويضيف: ”أعتقد أن وباء كورونا سيتحول في غضون عام إلى مرض مستوطن سيبقى لسنوات عديدة قادمة. لن يكون ذلك سهلاً بالطبع، لكنني أظن أن هنالك ضوء في نهاية النفق، وأننا سوف نصل إلى ذاك الضوء قريباً جداً“.
فرض متحور أوميكرون ضغوطاً كبيرة على نظام الرعاية الصحية في كندا أكثر من السلالات التي سبقته. ما دفع الحكومات الفيدرالية وحكومات المقاطعات إلى إعادة فرض قيود اعتقد كثيرون أنهم لن يواجهوها مرة أخرى.
تعجُّ وحدات العناية المركزة في مستشفيات أونتاريو وكيبيك بأعداد كبيرة من مرضى كوفيد-19. ويضطر العديد من الأطباء والممرضات وموظفو المستشفى الآخرين للبقاء في منازلهم بسبب إصابتهم بالمرض، الأمر الذي أدى إلى نقص في أعداد الموظفين في المستشفيات خلال الآونة الأخيرة.
بم يختلف أوميكرون عن سلالات كوفيد-19 الأخرى؟
على الرغم من عمله في مستشفى بمقاطعة ساسكاتشوان، تم إرسال الدكتور حسن المصري إلى أونتاريو من أجل مساعدة الموظفين المنهكين في مستشفيات مدينتي أجاكس وأوشاوا. يقول المصري إن نحو 80 في المائة من المرضى ضمن وحدات العناية المركزة في أونتاريو تتم معالجتهم من فيروس كوفيد-19. وهو ”أمر غير مسبوق، عندما يتعلق بدخول مثل هذه النسبة الكبيرة من المرضى إلى غرف العناية المركزة بسبب حالة طبية واحدة“. ويعزو المصري السبب إلى أن متحور أوميكرون مُعدٍ أكثر بـ10 مرات مقارنة بمتحور دلتا الذي انتشر خلال موجتي كوفيد-19 السابقتين.
يمكن لمتحور أوميكرون أن يبقى نشطاً خارج جسم الإنسان لفترات أطول. وهذا ما يسمح له بالانتقال من شخص إلى آخر حتى لو كانت المسافة بينهما أكثر من مترين. فالفيروس بحسب المصري ”أكثر مرونة وقوة.. لم يسجل التاريخ الحديث مرضاً يمكنه الانتقال بهذه السرعة التي ينتشر بها أوميكرون.. وفي حين أن أعراض الإصابة به خفيفة مقارنة بمتحور دلتا، إلا أنها أكثر حدة من الإنفلونزا. إلى جانب أن كثيراً من المرضى قد يضطرون إلى دخول المستشفى، نظراً لارتفاع معدل الإصابة”.
ويضيف: ”بدايةً، خرجت معظم الحكومات برسالة غير واضحة مفادها أن أوميكرون هو متحور معتدل من كوفيد، ولهذا السبب نواجه أزمات كبيرة في المستشفيات“. يعتقد المصري أن الخطاب العام فيما يتعلق بالفيروس يجب أن يكون أكثر وضوحاً وشمولية. مع ملاحظة أن أعراض الإصابة بأوميكرون تكون عادة معتدلة نسبياً للأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل فقط.
تحدثت كبيرة أطباء كندا تيريزا تام أمام لجنة الصحة بمجلس العموم الكندي يوم الثلاثاء، وقالت إن فترة حضانة متحور أوميكرون قد تصل إلى 10 أيام، وإنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن هذه الفترة قد تكون أقل من المتحورات السابقة لكوفيد-19. وعلى الرغم من أن وكالة الصحة العامة الكندية لا تزال توصي المصابين بالعزل الذاتي لمدة 10 أيام، إلا أن العديد من المقاطعات، بما في ذلك أونتاريو وكيبيك، خفضت هذه الفترة إلى 5 أيام، لمن تم تطعيمه بالكامل.
ما هو تأثير أوميكرون على المستشفيات؟
إلى جانب الأشخاص غير الملقحين، رأى المصري أن أوميكرون يتسبب بدخول آخرين تلقوا جرعتين من اللقاح إلى المستشفيات أيضاً. وهذا أمر يمكن الحد منه من خلال ”تلقي من تم تطعيمه بجرعتين من لقاح كوفيد، جرعة معززة“.
تستقبل المستشفيات أعداداً متزايدة من المرضى، وفي الوقت نفسه تتأثر بشدة بسبب نقص الموظفين، والانتشار السريع لهذا الفيروس. يشير المصري إلى أنه ”من المفترض أن يكون هناك ممرضة واحدة لكل 4 أو 5 مرضى، لكن بدلاً عن ذلك، تضطر المستشفيات الآن إلى الاستعانة بممرضة واحدة لكل 10 مرضى“.
منذ الأسبوع الماضي، أبلغت أونتاريو عن رقم قياسي جديد للحالات التي دخلت إلى المستشفيات بسبب الإصابة بكوفيد-19، وسجلت يوم الخميس الفائت 4183 حالة، من بينهم 580 مريضاً نقلوا إلى غرف العناية المركزة.
خطط رفع القيود
أعلنت حكومة أونتاريو قبل أيام أنها ستزيد حدود التجمع وستسمح بإعادة فتح المطاعم الداخلية والصالات الرياضية في الـ31 من شهر كانون الثاني الجاري، كجزء من خطة مؤلفة من 3 مراحل تهدف إلى تخفيف القيود في المقاطعة. ويمكن بناء على ذلك إعادة فتح المطاعم والصالات الرياضية ومتاجر البيع بالتجزئة ومراكز التسوق ودور السينما بسعة 50 في المائة.
ومددت بريتيش كولومبيا القيود المفروضة على الشركات والحفلات الكبيرة حتى الـ16 من شهر شباط القادم. وبينما يسمح للمطاعم بالعمل، إلا أن المقاطعة حددت التجمعات الداخلية بـ10 أشخاص، وخفضت سعة التجمعات إلى 50 في المائة.