في الحديث عن استعادة ثيران البيسون في بانف بارك

جويسلين بارتنر

 طالبة حالية في جامعة تورنتو. مهتمة بالتاريخ، لا سيما بتاريخ الطبقة العاملة وتفكيك الروايات الكندية المشتركة. لديها أيضاً اهتمام عابر بتاريخ الفن ، وتاريخ الموضة على وجه الخصوص.

في عام 2018، رحبت حديقة بانف الوطنية الكندية بواحد وثلاثين من ثيران البيسون في مرعى سهل وادي بانثر. كانت إعادة تقديم هذه البيسونات لحظة تاريخية، لأن ثيران البيسون كانت قد انقرضت تقريباً في حديقة بانف بحلول ثمانينيات القرن التاسع عشر. ورغم أن ذلك اعتُبر نجاحاً من الناحية البيئية، إلا أن كندا باركس (الجهة الرسمية المسؤولة عن إدارة الحدائق والمحميات في كندا)  لم تسلط الضوء في تقديمها لعودة البيسون على التاريخ الاستعماري للصيد الجائر والجهود المبذولة في السابق للحفاظ على هذه الثيران. وبهدف إبراز مساهمتها في هذا الحدث، قللت باركس كندا من أهمية نشاط الشعوب الأصلية ومشاركتها في إعادة تقديم البيسون. أجادل في في هذه الورقة بأن مدونة بانف بيسون التابعة لباركس كندا استخدمت لغة تقلل من دور تاريخ الاستعمار في الانقراض الوشيك لثيران البيسون، وحجبت الأفعال الاستعمارية التي مورست باسم الحفاظ على البيسون في السابق.

تستخدم المدونة لغة تصور انقراض البيسون الوشيك كما لو كان حدثاً طبيعياً في ظروف مجهولة، إذ تقول في مقتطف لها على سبيل المثال: “على امتداد آلاف السنين، جابت ثيران البيسون وديان ما يعرف اليوم بحديقة بانف الوطنية، إلا أنها اختفت من هذه المنطقة قبل 140 عاماً تاركةً خلفها أدلة على وجودها ما زلنا نكتشفها اليوم”، (كندا باركس).

استخدام كلمة “اختفاء” هنا يحيّد دور المستوطنين في الصيد الجائر للبيسون، في حين أن كلمة “أدلة” تجعل انقراض البيسون يبدو كحدث غامض يجب كشفه. هي محاولة لإخفاء التاريخ الاستعماري في الصيد الجائر وكيفية تأثير ذلك على الكثير من السكان الأصليين الذين يعيشون في المنطقة. يهدف ذلك في نهاية المطاف إلى خلق صورة طهرانية لحدائق بانف وتاريخها، رغم التاريخ الموثِّق للأسباب التي أدت إلى انقراض هذه الثيران، مثل انتشار صائدي الجلود وبدء اقتصاد تجارة الفراء، ووصول الماشية الأوروبية، ونزوح الشعوب الأصلية من مناطق أخرى، إضافة إلى انتشار الأسلحة الآلية الذي أدى إلى تسريع تراجع أعداد البيسون (مامرس 5). لقد أدت هذه الضغوط المترابطة على مدى قرن من الزمن إلى القضاء على قطعان البيسون. وفي حديقة بانف تحديداً، تسبب إنشاء خط الحديد الباسيفيكي الكندي وحرائق الغابات الناجمة عن جمر القطارات في خسارة كبيرة لموائل البيسون. فيما أدى العدد المتزايد لسكان المنطقة المجاورة وزوار الحديقة إلى تعزيز هذا الانخفاض في عدد البيسون (بينيما ونيمي 5). طمس ملامح هذا التغيير يسمح لكندا باركس وحديقة بانف بتصدير صورة مُثلى للسياح الراغبين بزيارة المكان والتعرف عليه. 

يقول مقتطف على مدونة بانف بيسون: “ما الذي تعنيه استعادة ثيران البيسون إلى حديقة كندا الوطنية الأولى بعد فقدانهم من البراري لمدة قرن؟ الجواب هو أن وصول 16 بيسوناً إلى وادي بانثر يمثّل نجاحاً لافتاً في الحفاظ على البيئة في بانف وفصلاً جديدة في قصة استعادة باركس كندا لثيران البيسون” (باركس كندا).   ورغم أن باركس كندا تنسب لنفسها الريادة في هذا المقطع، إلا أن ستوني ناكودا (إحدى أمم السكان الأصليين) كانت قد بدأت مشروعها الخاص لاستعادة ثيران البيسون في سبعينات القرن الماضي (دولوفيك). حاولت باركس كندا أيضاً إعادة تقديم البيسون في التسعينات، إلا أن هذه الخطة فشلت، ولم تستشر باركس كندا أياً من السكان الأصليين في مشروعها هذا أو تذكر الأهمية الثقافية لعودة هذه الثيران، (دولوفيك). معظم الفضل في الدفع نحو استعادة ثيران البيسون يعود إلى الضغط والنشاط الذي مارسه السكان الأصليون الذين يعيشون في المناطق التي كان ينتشر فيها البيسون.  

في عام 2014، وقعت ثماني مجموعات من السكان الأصليين من كندا والولايات المتحدة اتفاقية بوفالو. وبعد عام من ذلك وقع مزيد من الأمم والقبائل الأولى على الاتفاقية، ومن بينها ستوني ناكودا وشينكي وويسلي باندس في 2015. كان الهدف من الاتفاقية هو “تكريم والاعتراف وتنشيط العلاقة القديمة بين الموقعين وحيوان البوفالو” (اتفاقية بوفالو). 

أحد أعضاء قبيلة كايناي في ألبرتا الموقعين على اتفاقية بوفالو، ليوري ليتل بير، شارك بشكل كبير في مشروع استعاد البيسون في حديقة بانف. وقد علق دانييل واتسون، رئيس مجلس إدارة باركس كندا في 2017، متحدثاً عن ليتل بير بالقول: “لقد لعب ليوري دوراً أساساً في المساعدة بجمع أشخاص قادرين على المساهمة، وكان شخصية مهمة في سن اتفاقية بوفالو التي كانت في غاية الأهمية هذا الشأن”. ورغم أهمية دور اتفاقية بوفالو وليتل بير إلا أنهما بالكاد ذُكرا في مدونة بانف بيسون التابعة لباركس كندا.

يقول مقتطف آخر على مدونة بانف بيسون إن “باركس كندا كانت، لأكثر من قرن، رائدة على المستوى الدولي في الحفاظ على ثيران البيسون عبر استعادتها من حافة الانقراض”. مبادرة باركس كندا لاستعادة ثيران البيسون مرتبطة بالتوسع الاستعماري والمشاعر المعادية للسكان الأصليين من جانب الحديقة والمسؤولين الكنديين. وقد ألقى العديد من هؤلاء المسؤولين، تاريخياً، اللوم على ستوني ناكودا في تضرر الحياة البرية، واستخدموا ذلك كذريعة للاستيلاء على أراضيها. أدت هذه المخاوف من الصيد الجائر لستوني ناكودا في نهاية المطاف إلى توسيع بانف بارك بشكل كبير عام 1902، لتشمل 11,400 كيلومتر مربع، (بينيما ونيمي 13).

أدى هذا التوسع إلى الاستحواذ على جلّ أراضي الصيد المتبقية لستوني ناكودا. وركز معظم حديث الحفاظ على البيئة في ذلك الوقت على أماكن الصيد واستخدام الحدائق الوطنية مثل حديقة بانف “الخصبة لتكاثر الحيوانات الكبيرة في منطقة جبال الروكي، والتي تضم مناطقها غير المحمية فائضاً من القطعان البرية التي تقدم إمداداً مستمراً للحيوانات الكبيرة والفراء” (بينيما وميلاني 12). كان التركيز حينها على الحفاظ على الحياة البرية للصيادين حتى يتمكنوا من إيجاد حيوانات لصيدها خارج المحميات. وقد استُخدمت قوانين الحفاظ على البيئة لزيادة تهميش ستوني ناكودا عبر توسيع أراضي حديقة بانف لتشمل الأراضي التي تعيش وتصيد عليها. 

أجادل في هذا المقال أنه عبر تصوير اختفاء ثيران البيسون كحدث غامض، وطمس تفاصيل مساهمة السكان الأصلين في استعادة هذه الثيران، وعبر تجاهل الإرث الاستعماري في الانقراض الوشيك لها، تعمل باركس كندا على تصدير صورة لها تبدو فيها كمؤسسة حكومية نبيلة تقاتل من أجل البيئة، وهو طرح يتجاهل تاريخها في استخدام الحفاظ على البيئة كسلاح ضد السكان الأصلين مثل ستوني ناكودا.

المصادر:

Binnema, Theodore and Niemi, Melanie. “‘Let the Line Be Drawn Now’: Wilderness, Conservation, and the Exclusion of Aboriginal People from Banff National Park in Canada” Environmental History , Oct. 2006. Vol. 11, No. 4. pp. 724-750.

Mamers, Danielle Taschereau “‘Last of the buffalo’: bison extermination,

early conservation, and visual records of settler colonization in the North American west”, Settler Colonial Studies. Feb 2020. Vol. 10, No. 1. pp. 126-147.

Sandlos, John. “Wildlife Conservation in the North: Historic Approaches and their Consequences; Seeking Insights for Contemporary Resource Management.” University of Calgary. May 2008.

UNews. “Little Bear plays role in bringing bison back to Banff” University of Lethbridge UNews, 6 March 2017. Accessed 21 March 2021. https://www.uleth.ca/unews/article/little-bear-plays-role-bringing-bison-back-banff

Parks Canada. “Archaeological History” Banff Bison 101. https://www.pc.gc.ca/en/pn-np/ab/banff/info/gestion-management/bison/info. Accessed 21 March 2021.

Parks Canada. “Banff Bison 101” Banff Bison Blog. https://www.pc.gc.ca/en/pn-np/ab/banff/info/gestion-management/bison/info Accessed 21 March 2021.

Parks Canada. “Conservation Legacy” Banff Bison 101. https://www.pc.gc.ca/en/pn-np/ab/banff/info/gestion-management/bison/info. Accessed 21 March 2021.

Jenna Dulewich. “Stoney looks to study cultural significance in Banff bison reintroduction” Alberta Prime Times. 21 September 2020. Accessed 21 March 2021. https://www.albertaprimetimes.com/alberta-news/stoney-looks-to-study-cultural-significance-in-banff-bison-reintroduction-2731778.                                                                                               

Buffalo Treaty. “The Buffalo: A treaty of cooperation, renewal and restoration” Accessed 21 March 2021. https://www.buffalotreaty.com/treaty.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى