حوكمة الأمل 

سيكولوجيا بناء الواقع الجديد

هذا المقال هو جزء من مجلة مفازة الرقمية التي تبحث في موضوع النجاة. تقرأون أيضاً فيها: جمهورية الأجساد الكليمة لنبيل محمد، القيامة في الجسد لكنانة عيسى، العالم ليس قرية صغيرة لرجا سليم، أن تهوي من اللامكان لنور موسى، نجاة الهوية في الشتات لعلا برقاوي، تأثيث الذاكرة لعلي زراقط، حين يفهمونك دون أن تضطر للكلام لشاونت رافي، والجروح الحية: عن الانتهاكات والمظلومية لساشا زاك.

______________________________________

حسين الشهابي

قضى العقد السابق في العمل على بناء القدرات مع اليافعين المهمّشين. حاصل على بكالورويوس في علم الأعصاب وماجستير في علم النفس التطوري والتعليم. يركز عمله على تطوير برامج تضع مواطن القوة لدى الناس في المقام الأول. وعبر الإيمان بقيم التصميم المشترك والممارسات المستنيرة بالصدمات، يعملون في الجمعية الكندية للصحة النفسية على المناصرة وتنمية الشراكات.  

_________

يراهن المشروع الاستعماري “الغربي” على فقدان الذاكرة الجمعية لضمان بقائه، فبدون الذاكرة لا يمكن تصور مستقبل بديل. على من يريدون تخيل مستقبل بديل أن يكونوا متصلين بالحاضر، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تذكر عميق للماضي.

تركت الأحداث العنيفة التي تأسست عبرها المشاريع الاستعمارية الاستيطانية الغربية بصمة بيولوجية عميقة على الأنظمة العصبية للناجين. بدءاً من مزارعي شعب الأزتك عام 1520، وصولاً إلى أجدادي الفلسطينيين الذين هُجروا من أرضهم حفاة الأقدام عام 1948 ومُنعوا من العودة إليها. وعلى نحو مماثل، من جنود كورتيس إلى عناصر الهاغاناه والمليشيات الصهيونية الأخرى؛ تركت الجرائم التي ارتكبها الجناة بصمة على أنظمتهم العصبية. لقد تكيف الجسم البشري ليكون فعالاً بشكل استثنائي في تذكر الصدمات، لدرجة أنه يقوم بترميزها وراثياً لتنتقل من جيل إلى آخر عبر الجينات.1 ومهما كان ذلك مؤلماً، غير أن أجسادنا طورت قدرة ملفتة على تذكر الماضي، وفهم الحاضر، وتخيل المستقبل. ولكن رغم ذلك، حتى عندما يتحول نسياننا إلى ذاكرة حية بسبب الصدمة الطويلة التي أحيتها غزة، نجد أن ثمة ما يعيقنا عن التخيل. يقول مارك فيشر إن “تخيّل نهاية العالم أسهل من تخيّل نهاية الرأسمالية”2.

يشير مفهوم “حوكمة الأمل” إلى الآليات المنهجية التي تعرقل قدرتنا على التخيل، ويؤكد على أن الأمل هو الوقود الذي يدفعنا نحو بناء واقع جديد، أينما كنا.

من المربك والصادم، من منظور أخلاقي على الأقل، مشاهدة الطيف الواسع من الاستجابات المتباينة تجاه جريمة واضحة مثل الإبادة الجماعية. ومع ذلك، يمكن تَبيان تلك الاستجابات من منظور نفسي بوضوح أكبر. من هذا المنطلق، تحاول هذه المقالة الإجابة على سؤالين ملحين. السؤال الأول هو: ما هي الآليات النفسية التي تولد مثل هذا التباين الواسع من الاستجابات للإبادة الجماعية؟ للإجابة على هذا السؤال، نستعرض مفهوم التنافر المعرفي. والسؤال الثاني هو: كيف يمكن لفهم التنافر المعرفي أن يمدنا بالقوة في مواجهة العنف والإحباط المستمرين ضمن الواقع الذي نعيشه؟ أسرد هنا حكاية يوسف، وهو شاب تعاونت معه في رحلة استعادته للقدرة على التحكم بالأمل وخلق واقع باهر في حيه لم يعتقد أي منا أنه كان ممكناً.

النجاة من التنافر المعرفي في ظل الاستعمار

إن الآليات النفسية التي تساعد الناس على الاستجابة لحدث عنيف كالمجزرة، هي بطبيعتها موروثة عبر البصمة البيولوجية في الجسد. يرتبط موقف الإنسان من الإبادة الجماعية عموماً بموقفه/ا من فكرة نزع الإنسانية عن الآخرين، التي اتسم بها النشاط الجيوسياسي والاقتصادي للمشروع الاستعماري الاستيطاني الغربي المستمر منذ قرون.3 ثمة طيف واسع من الاستجابات لمبدأ نزع الإنسانية، يتراوح بين الرفض التام من جهة، والقبول التام من الجهة الأخرى. ليس ممكناً ولا مفيداً تفسير التباين في الاستجابات للإبادة الجماعية على أساس الهوية وحدها، ذلك أن الكثير من الملونين يؤيدون الإبادة الجماعية، فيما يعترض عليها الكثير من البيض بشدّة. يقع الناس على طيف الرفض والقبول هذا بناءً على استراتيجية نجاتهم في الاستجابة لمبدأ نزع الإنسانية، وسأشير إليهما في هذه المقالة باستراتيجيتَي القبول والرفض.

قوة استراتيجيتَي النجاة هاتين، والتي تؤثر على هويتنا وتوجهاتنا وأفعالنا، مستمدّة من قوة التهديد الذي تستجيب له. الخطر المتمثل في عدم الحصول على الاحتياجات الأساسية والموت، هو تهديد قوي، بيد أن هذه الاستراتيجيات ليس استجابة لخطر الموت وحده، رغم فداحته. فلم تعترض ليندا توماس جرينفيلد، ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، على قرار وقف إطلاق النار في غزة من أجل أن تنجو بنفسها من الموت. وبالمثل، لم يحرق الجندي الأمريكي آرون بوشنيل نفسه لهذه الأسباب. إن التهديد الحقيقي الذي تعالجه استراتيجيات القبول والرفض لا يكمن في العالم الخارجي، وإنما داخل العقل البشري، ويسمى ذلك بالتنافر المعرفي.

منذ بروز نظرية التنافر المعرفي في أوسط القرن العشرين، تطور فهمنا لها واتسع بشكل كبير على مر السنين. يُعتبر التنافر المعرفي وسيلة الدماغ الأساسية للتعلم،4 ويوصف بأنه شعور عميق بالاضطراب والكرب حين يواجه الإنسان معلومة تناقض معرفته وآرائه ومعتقداته/ا عن العالم. يخلق التنافر المعرفي حالة من التحفز الساعي إلى تسوية التناقض عبر توظيف الموارد الإدراكية لتهدئته والعودة إلى حالة أكثر سلماً. وتقترن حدة التنافر والموارد الموظّفة للتعامل معه بأهمية الموضوع المثير للتناقض في حياة الإنسان. إذا كان هذا التناقض مخلخلاً لحياة الإنسان وإحساسه/ا بالواقع قد يدفعه/ا للقيام بأشياء لم يتخيل القيام بها لتسكينه. 

على سبيل المثال، إذا افترضنا أن ثمة شخص يؤمن بأن حكومة بلده/ا لا يمكن أن تدعم الإبادة، ولكن الإبادة وقعت في غزة ودعمتها هذه الحكومة بعزم. استجابة لهذا التناقض، قد يبحث الشخص المذكور عن طرق لتبرير موقف الحكومة، وقد يتبنى الرأي الشائع القائل إن “القضية معقدة” فيما خص اسرائيل وفلسطين ليكمل حياته/ا. وفي حالات أخرى قد يقود هذا التناقض إلى إدراك معنى دعم حكومته/ا للإبادة، وبالتالي سعيه/ا نحو التعلم وإعادة التفكير بموقفه/ا من الحكومة والواقع الاستعماري وحتى دوره/ا فيه.  

هاتان الاستجابتان في السيناريو السابق تجسدان الآليّتين اللتين اكتسبهما البشر عبر التطور للتعامل مع التنافر المعرفي: الاستيعاب والتكيّف. في الحالة الطبيعية، تعمل الآليّتان سويّاً لمساعدتنا على فهم الواقع. بشكل تقريبي، نقوم عبر الاستيعاب بدمج المعلومات الخارجية بالفهم المسبق للواقع، وبالتالي تحصين وتقوية معارفنا السابقة وجعلها أكثر فعالية. في حين نقوم عبر التكيّف (يُعرف في الأوساط العلمية بالإقامة) بإعادة تنظيم معارفنا عن الواقع أو خلق معارف جديدة.5 وتحاكي هاتان الآليّتان استراتيجتَي الرفض والقبول المذكورتين سابقاً. 

قيام النظام الاستعماري الاستيطاني ليس ممكناً دون رؤية تجعل المُتسعمِر معصوماً عن الخطأ وتنزع الإنسانية عن المستعمَر،6 وصمود هذه الرؤية ليس ممكناً دون آلية تعمل بكفاءة ومتانة لترسيخها. ضمن سياق النظام الاستعماري، تعمل هذه الآلية عن طريق الاستجابة للتنافر المعرفي عبر الاستيعاب على حساب التكيّف. يمكن فهم هذه الاستجابة على أنها استراتيجية القبول التي تدفع الناس أكثر نحو التسليم بشكل ما بمبدأ نزع الإنسانية في كل مرة يُثار فيها تنافرهم المعرفي، أي أنها تحفز الناس للحفاظ على موارد القوة والاتساق مع من يشبههم في ذلك، ولكنها تبعدهم عن الإنسانية. في المقابل، تعمل الآلية المضادة على دفع الناس إلى التعلم وبناء معارف جديدة عن العالم لتسوية هذا التناقض. بيد أن استراتيجة الرفض تمثّل تحدياً لأنها تضع الناس في مواجهة أنفسهم وسياقاتهم، ولكنها تجعلهم أقرب لأقرانهم في الإنسانية. 

لقد سبب البث الحي غير المسبوق للإبادة الاستيطانية الاستعمارية في غزة جائحة من التنافر المعرفي حول العالم، وقد تردد صدى ذلك من خلال “إظهار المعدن الحقيقي” للناس عبر الاستقالات والتسريح والطرد رداً على الإبادة في غزة. عملية إعادة التنظيم هذه في المجتمعات تأتي كانعكاس لعمل استراتيجيات النجاة استجابة للتنافر المعرفي الذي أحدثته الإبادة. من المعروف على نطاق واسع أنه لا حدود لما يمكن للبشر فعله كرد فعل لتهدئة التنافر المعرفي،7 ويتضح ذلك في عبثية ما يقوم به المؤيدون للإبادة من جهة، والمخاطر الهائلة التي يقوم بها رافضوها من جهة أخرى. لقد أثارت الإبادة في غزة تاريخاً عمره 400 عام من الصدمات العابرة للأجيال التي سببها التاريخ الاستعماري الاستيطاني الغربي، وأحدثت هزة عميقة في العالم لأنها أبطلت مفعول مئات الأعوام من فقدان الذاكرة الجمعي لهذا التاريخ، مسبباً قدراً مماثلاً من التنافر المعرفي الجمعي.  

ما يعزز صمود مبدأ نزع الإنسانية في النظام الاستعماري هو قوة الدولة، ذلك أن النظام يحافظ على هذا المبدأ عبر قوة المؤسسات والقوانين التي تطبّع القبول به. من الناحية الأخرى، ما يحثّ الناس على رفض مبدأ نزع الإنسانية ليس شيئاً ملموساً كالمؤسسات والقانون. إنه الأمل. الرفض بحد ذاته يقتضي الإيمان بإمكانية وجود واقع مغاير، حتى لو لم يكن معلوماً لنا، إلا أننا ببساطة نأمل بوجوده. ولكن بما أن الأمل يسمح لنا بتخيّل واقع بديل يهدد مبدأ نزع الإنسانية، ثمة أنظمة لحوكمة الأمل. في الجزء التالي سأتحدث عن فكرة حوكمة الأمل.  

استعادة القدرة على التحكم بالأمل

نشأتُ في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، المخيم ذاتي التنظيم على مشارف دمشق. في مخيم اليرموك لم أكن أعرف معنى مبدأ نزع الإنسانية. لكنني، عندما هاجرت بعمر الرابعة عشرة إلى كندا، اصطدمت بفكرة مفادها بأن ثقافتي وهويتي ليستا مهمّتين ولا جميلتَين، وبأن “الطريقة الكندية” في الحياة هي الأمثل. كان هذا بمثابة شرخ صادم اضطرني خلال الأشهر الأولى لأن أتبنى استراتيجية القبول تجاه هذا التنافر المعرفي في الواقع الجديد. وبحلول الوقت الذي بدأت فيه سنتي الأولى في الجامعة، قررت أن أغيّر اسمي إلى “زين”، بعد سنوات قضيتها في مدارس “البيض” فرضت حقيقة أن هذا الاسم سيوفر لي نوعاً من التميز دون أن أكون مختلفاً بشكل فج. نجح هذا، لكنني أدركت بعد فترة وجيزة أن تغيير اسمي لم يكن كافياً؛ وأن ما من قدرٍ من محو الذات سيجعلني “مثلهم”. في النهاية، كان يجب أن أخوض التجربة الكلاسيكية المتمثلة في التشكيك بفرضية تفوق العرق الأبيض، والحداد على ما فقدته عبر الاستيعاب، وإعادة بناء هويتي من خلال التكيف، ومعرفة المزيد عن مفهوم نزع الإنسانية.

قادتني تقاطعات هويتي باتجاه تأسيس برنامج دعم وإرشاد في العام ٢٠١٦ لليافعين من الوافدين الجدد. كان الهدف من البرنامج  التخفيف من وطأة عزلتهم وزيادة تمكينهم في معارك التنافر المعرفي التي يخوضونها. يعمل البرنامج اليوم، وبدعم من الجمعية الكندية للصحة النفسية، في عدة مدارس ثانوية في تورنتو التي تضم عدداً كبيراً من اليافعين اللاجئين. أعمل فيه كمستشار نفسي لليافعين ووسيط بينهم وبين العاملين في النظام التعليمي من مدراء مدارس ومستشارين ومسؤولين في المحاكم. وعند الحاجة، أقدم المشورة للعاملين في القطاع التعليمي فيما خص توقعاتهم حول اللاجئين اليافعين والتنافر المعرفي الذي يواجهونه ضمن واقعهم الجديد.

ساهمت طبيعة عملي في بناء علاقات وثيقة مع اليافعين وأُسَرهم وأوساطهم الاجتماعية. يأتون إلى مكتبي في المدرسة عندما يتجاهلهم المعلمون أو يطلبون منهم مغادرة الصف، كما أقضي أوقاتاً طويلة معهم في زيارات لمنازلهم المزدحمة وأماكن تجمعهم التي يختارونها بحيث لا يمكن لأحد أن يزعجهم فيها كمواقف السيارات وممرات وسلالم المباني. وفي نهاية اليوم، أقود سيارتي عائداً إلى شقتي المريحة في تورنتو. أتحقق من صندوق البريد وأذهب إلى نادي غود لايف مستخدماً العضوية المخفضة التي حصلت عليها عبر مزايا الموظفين. لقد أجبرتني سنين المراوحة بين الهامش والمركز ومعرفة كليهما عن قرب على رصد التفاعل بينهما. جعلني ذلك أفكر بعمق فيما قد يبقي الشبان والشابات قابعين تحت سطوة النظام، وما قد يخلخل ذاك الركود. كانت محادثاتي مع يوسف، أحد الشبان الذين أعمل معهم، أكثر ما ساعدني على اكتساب تصور أوضح وفهم أعمق لأهمية فكرة حوكمة الأمل. 

يتم التحكم في الأمل على مستويات ثلاث: الخيال، والإيمان، والقدرة على الوصول، للإبقاء على ما قد يوفره من موارد عند حد معين بين عتبتين، عليا ودنيا بطريقة تضمن للنظام بقاءه وقدرته على تنظيم نفسه. تحدُّ العتبة العليا من قدرة المجتمعات على الأمل، وبالتالي من قدرتها على إحداث التغيير المزعج للنظام، فيما تحد العتبة الدنيا من نزعة اليأس، التي قد تؤدي إلى حالة من الكساد وانخفاض الناتج الاقتصادي. 

يتجلى الشكل الأكثر شيوعاً لحوكمة الأمل بمستوى الوصول إلى الوسائل التي تتيح تحقيق حالة مستقبلية، مثل استراتيجية الحواجز الزجاجية. في المستوى الثاني من حوكمة الأمل تتم إدارة الإيمان بمدى إمكانية الوصول للوسائل المتاحة لتحقيق حالة مستقبلية، مثل حالة اليأس الناجمة عن البيروقراطية على سبيل المثال. بيد أن أعمق وأخبث المستويات تكمن في التحكم بقدرتنا على التخيل. وبما أن السلوك البشري الفردي والجمعي مرهون بالقدرة على التخيل، تتعاظم أهمية هذا المستوى من الإدارة في رسوخ النظام على وضعه القائم. كنا، يوسف وأنا، نختبر هذا المستوى بالتحديد ونتجاذب معه. لقد تابعنا إحساسنا بالأمل وكيفية تغيره خلال هذه الرحلة، وانتبهنا كيف أدى تغير إحساسنا بالأمل إلى التأثير على أفعالنا وقدرتنا على تغيير الواقع . 

يمتلك يوسف  قدرة ملفتة على كشف الهراء والزيف المحيط به، وهو لا يخشى استخدام تلك القدرة، التي زادت من فعاليتها تجربته الحياتية في مواجهة الضغوط الهائلة وإصراره على النجاة. التقيت بيوسف لأول مرة في مكتب مدير مدرسته حيث أعمل. كان يوماً بارداً من أيلول، وكانت والدته قد تواصلت معي بعد أن علمت أنه سيتم نقل يوسف إلى مدرسة بديلة خارج الحي الذي يسكنه بسبب غياباته المتكررة عن المدرسة. لم يجرؤ يوسف على الخروج من الحي الذي عاش فيه لمدة خمس سنوات. كان الحي الذي يضمُّ عائلات من المهاجرين كبيراً ومزدحماً ومكتفٍ ذاتياً، و شبيهاً بمخيم اليرموك، الحي الذي نشأتُ به. لذا، كنت أفهم تماماً شعور الاقتلاع لدى يوسف إثر قرار نقله من مدرسته. لو حدث ذلك كان مرجحاً أن يوسف لن يلتحق بالمدرسة الجديدة وسيذهب بدلاً عن ذلك للعمل ساعات طويلة في ورشات البناء، وهو السبب الأصلي لغيابه. تمكنت من إقناع المدير بعدم نقله. لكن يوسف خرج من الاجتماع غاضباً ومستاء على ما يبدو من المصير الذي كان ينتظره لو أنني، أنا الغريب، لم أتدخل. كان ذلك مربكاً بالنسبة لي بدايةً. لكنني فهمت مع مرور الوقت، وبفضل شجاعة يوسف الهائلة وتواضعه، جذور وطبقات وتعقيدات غضبه.

النبش في تصدعات الخيال

بدأت رحلة يوسف كلاجئ في سن السادسة، مما أدى بشكل تدريجي إلى تآكل قدرته على تصوّر حياة كريمة يوظف فيها قدراته. تحمَّل نظامه العصبيُّ الغضُّ التمزق العنيف للنسيج العائلي والاجتماعي المحيط به أثناء الثورة السورية. تلا ذلك فوضى حياته كلاجئ في لبنان، حيث دخل سوق العمل وهو ما يزال طفلاً. ومن ثم اصطدم بخيبة أمل كبيرة من ظنه بأن كندا ستكون ملاذاً آمناً؛ فتزامناً مع قضية النقل من مدرسته، كان يوسف قد رأى بأم عينه أشخاصاً مقربين منه وهم يتعرضون لإطلاق النار. وعلى الرغم من قضائه خمس سنوات في النظام التعليمي الكندي، فإنه لا يعرف القراءة بالانكليزية. أصابني الارتباك عندما أسرّ لي بهذه الحقيقة. كان قد اجتاز 21 مادة من أصل 30 لازمة للتخرج. حين طالبته بإيضاح كيفية اجتيازه لهذه المواد دون القدرة على القراءة، قال: “لدينا تطبيق جوجل لتحويل النص إلى كلام والعكس صحيح، أليس كذلك؟”.

لا يعتبر ​​فك رموز لغة عملية تلقائية؛ فتلك مهارة لابد من تدريسها بطريقة منهجية. لا يملك ما نسبته 48.1% من البالغين الكنديين القدر الكافي من المعرفة بالقراءة والكتابة.8 ورغم أن النظام التعليمي الكندي، وليس قلة كفاءة يوسف، هو السبب وراء أميّته، إلا أنه لم يرَ الأمر على هذا النحو. نظراً لكفاءته العالية، توقعت أن يتمكن من القراءة خلال فصل دراسي واحد، وخاصة في حال استخدام نهج قائم على الأدلة ومتاح من خلال البرامج المجتمعية. كنت متحمساً جداً لطرح هذه المبادرة له، غير أنه رفض الفكرة على الفور.

مع فشل النظام التعليمي في تلبية احتياجات الطلاب، إلى جانب الرسائل السلبية التي كانت تحيط بيوسف، كان مقتنعاً بأنه لا يمتلك القدرة الكافية للتعلم. واجهت أنا ويوسف تنافراً معرفياً وجودياً: لم يرَ أية فرصة لنجاحه، بينما كنتُ مقتنعاً بأن نجاحه حتمي. وعلى مدار العام التالي، ساعدتني محاولة التوفيق بين رؤيتينا في فهم وتبيان ما كنت أتعلمه وأستكشفه في عملي على مدى السنوات السابقة. تمثل هذا بإدراكي بأن مهمتي في العمل مع اليافعين، هي تغيير الطرائق التي يُدار بها الأمل في مستوياته الثلاثة بهدف إتاحته بشكل أكبر، وبالتالي حصول اليافعين على القوة اللازمة لبناء الواقع الذي يريدون خلقه.

أخبرني يوسف بأنه يحاول تفادي الشعور بالأمل، لأنه غير قادر على تحمّل الألم الناجم عن خيبة الأمل. بسبب تجاربه السابقة، أصبحت الكلفة النفسية لتخيل واقع مستقبلي عالية جداً. تعلّم من وقائع حياته مراراً وتكراراً بأن مثل هذا المستقبل غير قابل للتحقيق، وأن تخيله سيؤدي فقط إلى توق شديد لما لا يمكن الوصول إليه. أصبح انعدام الأمل استراتيجية نجاة تكيفية، تمنع تحول ذاك التوق إلى يأس ثم إلى غضب واستياء، وفي النهاية إلى انعدام الشغف بالحياة نفسها. ولم يكن الاستسلام خياراً بالنسبة ليوسف. فاليأس والحزن اللذان قد يجعلانه ملازماً سريره هما أمران خارج المعادلة. إذ إن لديه عائلة كبيرة تعتمد عليه، كما أن درجة حبه لوالدته لا تتيح له التفكير بالاستسلام. 

تُبيّن حكاية يوسف مع الأمية كيف أن التحكم بالأمل هو في جوهر الاستعمار الاستيطاني. كان شعوره بالأمل مقيداً، حتى قبل أن يُولد بوقت طويل. بعد الحرب العالمية الأولى، تقاسمت القوى الاستعمارية الغربية المنتصرة غنائم الحرب عن طريق تقسيم المنطقة إلى دول قومية مفككة جغرافياً وثقافياً. فمهدوا بذلك الطريق لمآسٍ وفوضى مستمرة، بما في ذلك زرع إسرائيل في المنطقة مع الديكتاتوريات العربية. تسبب هذا المشهد الجيوسياسي والنفسي المرسوم بخطوط التقسيم التي مرّت عبر جبالنا وبحيراتنا وسهولنا ومجتمعاتنا، في معاناة لا نهاية لها، بما في ذلك الحرب الطويلة التي شنها النظام السوري على شعبه.

عندما هرب من سوريا إلى لبنان مع عائلته وهو في السادسة، السن الذي يبدأ فيه معظمنا تعلم ربط الأصوات بالحروف المكتوبة، فقد يوسف الوصول إلى موارد القوة عبر افتقاد فرصة تعلم القراءة والكتابة. هذا الحدث وضع أمامه أول حاجز زجاجي، ليس على أساس جنسه أو عرقه، بل بناء على عدم قدرته على القراءة. في هذه اللحظة، بدأت مخيلة يوسف بالخضوع لحدود العتبتين، العُليا والدنيا. وعلى مدار العقد التالي، اقتربت هذه الحدود من بعضها تدريجياً، مع تطور حوكمة الأمل إلى المستويين الثاني والثالث في الإيمان والقدرة على التخيل.

لم يكن المستوى الأول من إدارة الأمل قد استقر بالكامل لدى يوسف عند انتقاله إلى كندا. ولكن مع استمرار ظهور الحواجز التي كانت تحول دون تعلمه القراءة والكتابة، بدأ هذا المستوى بأخذ مكانه تدريجياً. كان يوسف في البداية مفعماً بالأمل، فلجأ إلى معلميه طالباً للدعم، ولكن لم يكن لدى النظام التعليمي الكندي آلية منتظمة وواضحة تلبي احتياجاته. كان يُعطى، في أحسن الأحوال، أوراق عمل يجدها غير مفيدة، بينما قوبلت محاولاته الأخرى بردود مُستهزئة مرات، أو وعود غير محققة من معلمين منهكين مرات أخرى. كانت المرحلة الأولى من حوكمة الأمل تفرض على يوسف  سؤالاً ملحاً: ” أعلم أن ثمة وسائل لتعلم القرارة والكتابة، كيف بإمكاني الوصول إليها؟” لكنه واجه الرفض كإجابة على ذاك السؤال. وهذا ما أدخله ذلك إلى المستوى الثاني: الإيمان. ومع تقلص الفرص، أصبح السؤال: “أعلم أن النسخة المتعلمة من نفسي غير ممكنة، فهل ثمة من وسائل أخرى للكشف عن إمكاناتي؟”. كان هدف يوسف هو دعم عائلته، ولكن عدم قدرته على القراءة والكتابة كانت حاجزاً يقف في وجهه عند كل منعطف.

عمل في مجال البناء. واستخدم مهاراته الاجتماعية وأخلاقيات عمله القوية لجعل المشرفين متسامحين إلى حد ما مع عدم انتظامه في ساعات العمل، لكي يتمكن من الاستمرار في الذهاب إلى المدرسة. لكن محاولاته الحثيثة والمتكررة في الموازنة بالتحدث بلطف مع مدير مدرسته حول غيابه المتكرر، وفي الوقت ذاته الحفاظ على عمله، أثبتت عدم جدواها. في ذلك اليوم البارد من أيلول، خرج يوسف من مكتب المدير غاضباً لأنه كان يعرف أن عملية الموازنة سوف تقف عند ذاك الحد، وأن الدخل المحدود الذي يوفره لعائلته أصبح مهدداً بالخطر. وهنا، أصبحت العتبتان العليا والدنيا للأمل تقتربان أكثر فأكثر من بعضهما البعض. 

عندما يسيطر المستوى الثاني، يدخل الإنسان إلى المستوى الثالث من حوكمة الأمل كاستجابة تلقائية تكيفية، وتخضع القدرة على التخيل لسلطة الواقع. لا يعود بإمكاننا التخيل أو الحلم، لأن الحلم يستدعي التفكّر بالإمكانيات، والفجوة بين الإمكانيات والواقع تخلق توتراً لا يُطاق ولا يمكن تحمله دون دفع أثمان باهظة. نتوقف عن الحلم للحفاظ على الطاقة، ونحافظ على الطاقة لزيادة احتمالات النجاة.

في العام التالي، حاولت أنا ويوسف تولي زمام الأمور، وعملنا على رسم مسار لرحلته ومحاولة إيجاد آليات تعطل سيطرة التحكم الأمل. فالوسائل التي كانت صلة وصل يوسف بالقراءة والكتابة متوفرة، لكن موافقته على المحاولة تتطلب الإيمان، وهو ما لم يكن موجوداً لديه. تتحدد معايير معتقداتنا بمدى سعة خيالنا، وكانت حوكمة الأمل قد جعلت من خياله محدوداً للغاية. كان علينا إعادة تفكيك وبرمجة آليات التحكم بالأمل لدى يوسف، بدءاً بالقدرة على التخيل. ولأن خياله صار محدوداً بسبب تجاربه الحياتية، فإن التجارب وحدها هي القادرة على تنميته من جديد.

بينما كنا نناقش دروس تعلم القراءة والكتابة، أراد راي، وهو زميل يعمل في منظمة محلية، توظيف اليافعين المعرضين للخطر في تقديم المشورة والعمل على تطوير برامج تدعم اليافعين في الحي الذي يسكنه يوسف، الذي رفض بدوره الفكرة مباشرة عندما عرضتها عليه، قائلاً إنه ليس لديه ما يقدمه. يوسف دبلوماسي بطبعه، فهو يتواصل بود مع الشبان الأكثر عرضة للخطر في أحد زوايا الحي ثم يكمل طريقه ليتبادل المزاح مع النسوة وأطفالهن في نهاية الشارع. كان مثالياً لهذا الدور. وبعد أشهر من محاولاتي الحثيثة لدفعه نحو الإقدام على هذه الخطوة، ومقابلة التردد ذاته من جانبه، جربت محاولة أخيرة: طلبتُ من راي الاتصال بي خلال اجتماع مقرر مع يوسف ودعوته إلى محادثة وجهاً لوجه. وافق يوسف بشرط توظيف صديقه معه. كنت قلقاً من أن يغير رأيه، فتوجهنا مباشرة إلى مكتب راي، الذي انبهر بفطنته وطريقة تفكيره المنهجية، وأخبره أن الاجتماع سوف يُحتسب كساعات عمل مدفوعة الأجر في حال قبل الوظيفة.

 بحلول المساء، كان علينا أنا ويوسف الالتحاق بمباراة لكرة القدم ضمن برنامج للشبان المعرضين للخطر، ودعونا راي للانضمام إلينا. تحدثنا مع المدرب بعد انتهاء المباراة، وناقشنا استراتيجيات البرنامج والتحديات التي يواجهونها. استطاع يوسف أن يراوغ بذكاء في نقاشه مع المدرب لإقناعه بأفكاره، تماماً كما يفعل عندما يراوغ بالكرة في الملعب. وفي لحظة صمت في طريق عودتنا، قال من المقعد الخلفي للسيارة: “كان من الممتع العمل معكم اليوم”. لم تكن من عادة يوسف أن يتحدث بهذه الطريقة، وهذا ما أثار انتباهي.

“حقًا؟ كيف ذلك؟” قلتُ وأنا أنظر إليه من مرآة السيارة.

“ربما لأنني معتاد على كسب المال بيدي… لكن، من الجميل أن أكسب المال بعقلي”. 

في تلك اللحظة، حدث صدع صغير في جدار مخيلة يوسف.

على مدار الشهرين التاليين، عملت أنا وراي بجد مع يوسف، مع محاولة التركيز على توفير المساحة الكافية له للتعبير عن نفسه وتوجيه مسار عمل راي. وفي صيف ذاك العام وظف راي يوسف في مخيم للطلاب، حيث طور مع صديقه برنامجاً جديداً لفتيات المرحلة الإعدادية المعرضات للخطر، واللواتي لا يشاركن عادة في البرامج الاعتيادية. وفي الأثناء، بدأ يوسف تقبُّل فكرة تحسين مهاراته في القراءة والكتابة، خاصة عندما انتبه للتحديات التي تواجهه لدى انتقاله من العمل في البناء إلى العمل المكتبي دون امتلاك تلك المهارات. عاد للانتباه لوجود الحاجز الزجاجي، لكن هذه المرة مع شعور بإمكانية تجاوزه. عادت المخيلة لتعمل، لكن غضاضتها وخشيته من الفشل، قد يجعلان من خطر فقدان المخيلة أعلى من أي وقت مضى. بدت استعادة للسيطرة على التحكم بالأمل على بعد خطوة واحدة. ونتيجة مناورة مشابهة لتلك التي دفعتُه لمقابلة راي، وافق على يوسف على مقابلة مدربة محو الأمية.

نجح البرنامج الذي طوّره يوسف وصديقه إلى الحد الذي جعلني وزملائي نرغب في الاستفادة منه والبناء عليه. مرّ يوسف بفترة أخرى من التردد، ولكن مع تحسن معرفته بالقراءة والكتابة، وتوفر بعض الدعم المالي، وعودة الأمل إلى الظهور، قرَّر المضي قدماً. فعمل مع ثلاثة أصدقاء آخرين له على برنامج لتعلم المسرح موجه للشابات الأصغر سناً، حضر عروضه عائلاتهم وجيرانهم الذين غادروا المسرح وقد شاهدوا أطفالهم يحققون أشياء لم يتخيلوا يوماً أنهم قادرين على تحقيقها.

بعد المسرحية، سألتني إحدى الشابات إن كان ثمة فرصة للعمل على برامج أخرى مثل هذا، وأن خطتها كانت بأن تصبح أخصائية تجميل، لكنها شعرت بأنها قد تجيد العمل في مثل برامج كهذه. 

توجب على الشبان الأربعة أن يأخذوا قسطاً من الراحة، قبل أن يدخلوا في مرحلة تخيلية مكثفة يخططون خلالها لمشاريعهم المقبلة. وها هم اليوم، ينفذون رؤاهم ويحققون أهدافهم، ويجلبون باستمرار مزيداً من الأصدقاء لمشاركتهم فيها، ويطورون المزيد من البرامج الفنية، ويدمجون فيها أخرى رياضية في وقت لاحق من العام.

لم تكن تلك حكاية يوسف بشكل خاص، ولا هي مجرد حكاية لأشخاص يافعين. خلصتُ أنا وأحد أصدقائي من محادثاتنا حول عملي، بأن يوسف هو نحن، وأن ثمة شي ما في داخلنا قد تنازعَ بشكل مشابه لما تنازعَ في داخل يوسف خلال رحلته في تعلم القراءة. أو ربما ثمة  تصدعات أخرى ما تزال تنتظر نبشها في رحلة التحكم بالخيال والإيمان بإمكاناتنا. جميعنا غالَبَنا صوتٌ داخليٌ يقودنا في الطريق الوعر ذاته الذي سلكه يوسف، وقضينا فيه أوقاتاً أطول في الرغبة بالاستسلام، مقارنة بأوقات عزمنا على الاستمرار. لذا فإن شعورنا بالأمل يبدأ بالاعتراف بقدرتنا على التحكم به. تأتي الخطوة التالية في تحديد جوانب حياتنا التي تستدعي دفعها بوقود الأمل. ثم التساؤل عن كيفية إدارة الأمل على مستوى الوصول والإيمان، والأهم من ذلك، المخيلة. لأن حوكمة الأمل بوسعها خداعنا أحياناً ودفعنا إلى القبول بواقع ما، بغض النظر عن مدى انفصاله عن الحقيقة.

لقد تسببت الحرب على أطفال غزة في فرض حالة جديدة من التنافر المعرفي بداخل كل واحد منا. لم يتم التراجع عن مفهوم نزع الإنسانية الذي تم اختراعه لتأسيس النظم الاستعمارية الاستيطانية. بل تم نقله بعناية عبر الأجيال، من خلال السرديات التي شكلت الرأي العام على مدار القرون الأربعة الماضية، وأصبحت مؤخراً أكثر شراسة من أي وقت مضى. وبينما نحاول التعامل هذا التنافر المعرفي ومعالجته، فإننا يجب أن نميل بشكل أعمق نحو الحب عبر استراتيجية رفض مبدأ نزع الإنسانية. وفي مواجهة المدافعين عن الإبادة الجماعية، الذين يميلون إلى استراتيجية القبول بمبدأ نزع الإنسانية، مستعينين بالقوة والسلطة، نختار الحب في مواجهة جبروت هذه القوة الساحقة. وللقيام بذلك نحتاج إلى التمسك بالأمل والإصرار على نبش التصدعات… صدع واحد في كل مرة، من أجل خلق الواقع الجديد الذي نريد ونستحق.

  1.  يهودا، ر.، وبيرر، ل. م. (2009). أهمية علم الوراثة في اضطراب ما بعد الصدمة: تأثيراته على الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، الإصدار الخامس. مجلة الإجهاد الناجم عن الصدمات، 22(5)، 427-434.
    ↩︎
  2.  فيشر، م. (2009). الواقعية الرأسمالية: ألا يوجد بديل؟ زيرو بوكس.
    ↩︎
  3.  دروكمان، ج. ن.، ولوبيا، أ. (2023). دور العلوم السياسية في معالجة تحديات الديمقراطية المعاصرة. مراجعة سنوية للعلوم السياسية، 26، 1-17. https://doi.org/10.1146/annurev-polisci-062321-041446
    ↩︎
  4.  هارمون جونز، إي. وميلز، جيه. (2019). مقدمة لنظرية التنافر المعرفي ونظرة عامة على وجهات النظر الحالية حول النظرية. في إي. هارمون جونز (المحرر)، التنافر المعرفي: إعادة النظر في نظرية محورية في علم النفس (الطبعة الثانية، ص 3-24). الجمعية الأمريكية لعلم النفس. https://doi.org/10.1037/0000135-001
    ↩︎
  5.  موقع سمبلي سايكولوجي فيه مقدمة جيدة لنظرية التنافر المعرفي.
    ↩︎
  6.  دروكمان، جيه إن، ولوبيا، أ. (2023). دور العلوم السياسية في معالجة تحديات الديمقراطية المعاصرة. المراجعة السنوية للعلوم السياسية، 26، 1-17. https://doi.org/10.1146/annurev-polisci-062321-041446
    ↩︎
  7.  أرونسون، إي. (1999). التنافر والنفاق ومفهوم الذات. إي. هارمون جونز وج. ميلز (المحرران)، التنافر المعرفي: التقدم في نظرية محورية في علم النفس الاجتماعي (ص 103-126). الجمعية الأمريكية لعلم النفس.
    ↩︎
  8.  مجلس المؤتمرات الكندي. محو الأمية والكفاءة في الحساب. مجلس المؤتمرات الكندي. https://www.conferenceboard.ca/hcp/adlt-lowlit-aspx/ 
    ↩︎
زر الذهاب إلى الأعلى