الهزارة تبحث عن الضوء في عتمة أفغانستان
حليمة بهمن
مستشارة في مجال الإدمان ومتطوعة مع منظمة نساء الهزارة، وهي مجموعة شاركت في تأسيسها عام 2020.
نقلت التطورات الأخيرة في أفغانستان الكثير من المشاهد المحبطة والصادمة خلال الأسابيع الماضية. ورغم أن متشددي طالبان، الذين اختطفوا البلاد، يرشون رماد الحداثة الشكلانية في العيون، إلا أنه من الواضح أن وقتاً مظلماً سيأتي على النساء والمجموعات الثقافية والفنانين والناشطين مع النظام الجديد.
من نجوا مبكراً من العنف والاضطهاد في أفغانستان استعادت ذاكرتهم مؤخراً الكثير من الذكريات المؤلمة، وأثارت المخاوف من مستقبل قادم.
منذ عقدين كنت أعيش في حالة الرهاب نفسها التي تعيشها كثير من الفتيات اليوم حين اقتحمت حركة طالبان مدينة مزار شريف، وشنت حملة تطهير عرقي بحق أقلية الهزارة التي أنتمي إليها. حين وصل الرجال القساة المسلحون ببنادقهم ولحاهم الطويلة كان أول ما فعلوه هو إغلاق المدارس والجامعات التي تسمح بتعليم المرأة. وفي غمضة عين حطموا ثقافة التحرر وإتاحة الفرص للنساء. حلمي بأن أكون مهندسة صار دخاناً.
لقد نجوت على الأقل. لكن للأسف فإن آخرين، ومنهم أصدقاء لي، لم يحالفهم الحظ. الزمن يعيد نفسه.
في استجابة للحرب الخاطفة التي شنها مسلحوا طالبان واحتلوا بعدها كامل الأراضي الأفغانية، أعلنت أوتاوا عن خطة لإعادة توطين عشرين ألف أفغاني، وخاصة المعرضين للخطر بشكل خاص، كالناشطين وعائلاتهم وأفراد مجتمع الميم وآخرين، لتعطيهم الحكومة الكندية حق الدخول السريع إلى كندا.
هناك غائب أساسي عن قائمة المهددين بالخطر هذه، وهم أقلية الهزارة. لكن بفضل بعض الضغوطات تم تصحيح هذا الوضع لاحقاً، كما تم الإشارة في مقابلة أجراها تلفزيون سي تي في مع علي ميرزاد، المستشار في منظمة الهزارة للخدمات الإنسانية عندما قال: «الهزارة هم ضحية ما يقارب ثمانين بالمئة من الهجمات المباغتة في أفغانستان. وهذا الرقم فقط يجعلهم يستحقون اهتماماً خاصاً».
من هم الهزارة؟
لكن من هم الهزارة؟ الهزارة هي أقلية غالبية أبنائها من الشيعة. نتحدث الفارسية في حياتنا اليومية، ولدينا تاريخ فريد وقيم ثقافية تتضمن احترام التعليم ومكانة المرأة في المجتمع.
هذه القيم تشرح أسباب نجاحنا في بلد مثل كندا. لكن مع ذلك فإن هذه القيم نفسها في أفغانستان تجعلنا مستهدفين بحجة إيواء القيم «الغربية» أو «الأجنبية»، كما يتم استهدافنا بسبب ملامحنا الآسيوية.
في سن مبكرة يتعلم كل طفل من الهزارة أن حياته أو حياتها محفوفة بالمخاطر، ويخضعون لأهواء من يكرههم بسبب وجودهم. خلال الشهور وسّع مسلحو طالبان سيطرتهم على البلاد. السجون فتحت أبوابها، وأُطلق سراح الكثير من المتطرفين. وأصبح الوضع خطيراً للغاية على السكان في الفترة الحالية.
كجزء من عملي في منظمة الهزارة للخدمات الإنسانية، أنا على اتصال وثيق مع كثير من النساء المهددات (غالباً أمهات عازبات أو أرامل) من قرى الهزارة في إقليم باميان وصولاً إلى العاصمة كابول. أخشى على هؤلاء النساء، كما أخشى على النساء الأفغانيات من مختلف الخلفيات، خصوصاً اللاتي تلقين تعليماً أكاديمياً، أو يعزفن الموسيقى، أو هن رياضيات أو فنانات أو مخرجات أو منخرطات في الشأن العام والعمل السياسي، لأن كثيراً من الجهد الذي بذلنه سيذهب هباء تحت حكم طالبان.
جهود لتسهيل اللجوء إلى كندا
هؤلاء هم الأشخاص التي تحتاج كندا أن تمد يد العون لهم. إحدى الإشارات المشجعة كانت الإشارة إلى الهزارة بالاسم خلال مائدة مستديرة حضرتها يوم 18 أغسطس/ آب الماضي، ضمت رئيس الوزراء الكندي ووزير الهجرة وغيرهم من المشاركين الفاعلين في هذا الموضوع.
لكن بعد الأخبار الجيدة حل تطور مرعب على موقع الهجرة الكندية في اليوم التالي، إذ يوضح الوصف الجديد لـ«البرنامج الخاص» لاستقدام 20 ألف أفغاني إلى كندا أن البرنامج يركز على الموجودين خارج البلاد فقط، ويستثني المترجمين والمساعدين العسكريين الآخرين (الذين تتجاهلهم كندا أيضاً إلى حد كبير).
يبدو أن الموجودين في أفغانستان قد تم التخلي عنهم وتُركوا يواجهون مصيرهم وحدهم. أرتجف حين أفكر بذلك.
تقوم منظمتي الخاصة (منظمة نساء الهزارة) بجمع الأموال للنساء والأطفال المهددين أكثر من أي وقت مضى في أفغانستان اليوم. وأياً كان ما تقرره كندا، سأبذل قصارى جهدي لمواصلة دعم المحتاجين للمساعدة.
إذا كنتم تتساءلون عما يمكنكم فعله لإحداث فارق، فإن زميلي المتطوع ستيفن وات المؤسس المشارك لمنظمة Northern Lights Canada (ومحرر هذه المقالة) يقترح عليكم الانخراط في برنامج الرعاية الخاصة للاجئين لتقديم المساعدة.
هناك لاجئون من أفغانستان، معظمهم من الهزارة، في دول مثل إندونيسيا وماليزيا، حيث يتم نسيانهم دون أمل في إعادة التوطين ما لم نرفع صوتنا. يمكنكم رؤية ملفاتهم الشخصية والتواصل معهم مباشرة عبر موقع Hazara Refugee Collective.
يمكن للأزمات في بعض الأحيان أن تكون الدافع وراء إجراءات كان ينبغي اتخاذها منذ فترة طويلة، فلنأمل أن تكون هذه إحدى تلك المناسبات.